العناصر التي اجتمعت في شخصيّة الإمام عليّ (عليه السلام)
شخصيّة هذا الرجل الفذّ وحياته وشهادته التأمت فيها ثلاثة عناصرٍ، تبدو غير منسجمةٍ تمامًا مع بعضها على الظاهر؛ وتلك العناصر الثلاثة هي عبارة عن: القوّة، والمظلوميّة، والانتصار.
فقوّته تكمن في إرادته الصلبة وعزمه الراسخ، وفي تسيير دفّة الشؤون العسكريّة في أعقد المواقف، وفي هداية العقول نحو أسمى المفاهيم الإسلاميّة والإنسانيّة، وتربية وإعداد شخصيّاتٍ كبرى من قبيل مالك الأشتر وعمّار وابن عباس ومحمّد بن أبي بكر وغيرهم، وشقّ مسارٍ مميّزٍ في تاريخ الإنسانيّة.
ويتمثّل مظهر قوّته في اقتداره المنطقيّ، واقتداره في ميادين الفكر والسياسة، وفي اقتدار حكومته وشدّة ساعده.
ليس ثمّة ضعفٍ في شخصيّة أمير المؤمنين (عليه السلام)، في أيّ جانبٍ من جوانبها، إلّا أنّه في الوقت ذاته من أبرز الشخصيّات المظلومة في التاريخ، وقد كانت مظلوميّته في كلّ جوانب حياته؛ لقد ظُلم في أيّام شبابه، حيث تعرّض للظلم حينذاك بعد وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وظُلم في سنوات كهولته وفي عهد خلافته واستشهد مظلومًا، وظلّ من بعد استشهاده يُسبّ على المنابر على مدى سنواتٍ طوال، وتُنسب إليه شتّى الأكاذيب.
أمّا العنصر الثالث الذي طبع حياته (عليه السلام) فهو النصر؛ حيث تغلّب في حياته على جميع التجارب العصيبة التي فُرضت عليه؛ ولم تستطع جميع الجبهات التي فتحها
ضدّه أعداؤه أن تنال منه، وإنّما تقهقرت كلّها أمامه.
ومن بعد استشهاده أخذت حقيقته الناصعة تتجلّى وتتفتّح يومًا بعد آخر، أكثر ممّا كانت عليه حتّى في أيّام حياته.
ففي عالم اليوم، ليس العالم الإسلاميّ وحده وإنّما العالم كلّه، هناك أناسٌ كثيرون لا يؤمنون حتّى بالإسلام، إلّا أنّهم يؤمنون بعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) كشخصيّة تاريخيّة لامعة.
وهذا هو جلاء ذلك الجوهر الوهّاج، وكأنّ الله يكافئه على ما لَحق به من ظُلم.
مرشدات المهدي
3931قراءة
2017-09-08 14:31:10