12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

المقالات التربوية >> حقوق الطفل

حقوق الطفل


مقدمة

إن طبيعة الطفل في السنوات السبع الأولى من عمره، طبيعة بريئة ولطيفة، كما أن المستوى العقلي لدى الولد ولا سيّما في السنوات الثلاثة الأولى من عمره، محدود للغاية، وقد اهتمّ الإسلام بهذه المرحلة من عمر الإنسان باعتبارها الأرضية الخصبة الّتي تمهّد لبناء شخصيّته، فأرشدت الروايات إلى طريقة التعاطي مع الأطفال مبيّنة حقوقهم .. وقد انتبهت الأحكام الوضعية أيضاً إلى خطورة المرحلة فسّنت القواعد والاتفاقيات الّتي تراعي حقوقهم، وتأسّست المنظمات العالمية المعنيّة بالطفولة...
سنحاول في موضوعنا هذا أن نلقي الضوء على حقوق الطفل في ضوء الشريعة الإسلامية وشرعة حقوق الإنسان.

المراحل العمريّة

ورد في الحديث الشريف عن الرسول الأكرم (ص): «الولد سيّد سبع سنين، وعبد سبع سنين، ووزير سبع سنين، فان رضيت خلائقه لإحدى وعشرين، وإلا فاضرب على جنبه فقد أعذرت إلى الله تعالى».
قسَّم الحديثُ الشريف المراحل التربويَّة للطفل إلى ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: وهي مرحلة الطفولة، ومرحلة اللهو واللعب عند الطفل، ولذلك وصفه الرسول الأكرم (ص) بالسيّد، لأن الولد لا يُلام في هذا العمر على كثير من التصرفات لمحدودية قدراته الفكرية وانصرافه في هذه المرحلة إلى كماله الخاص به وهو اللعب واللهو.

المرحلة الثانية: وهي مرحلة ينبغي أن تكون مرحلة التربية المباشرة والتأديب بأسس الأخلاق والخصال الحميدة، ولذلك عبّرت عنه الرواية بالعبد أي يتلقّى الأوامر وتُراقب تصرفاته.
المرحلة الثالثة: وهي مرحلة الشباب والمراهقة فيلازم أباه فيها كملازمة الوزير للملك، فيكتسب من خبرات أبيه في الحياة ويتعلّم أساليب العمل والعيش...

التغذية العاطفيَّة

والمقصود بها هنا المحبة وإظهارها للطفل، فهي الغذاء الروحي الأول لشخصيته، وإعطاء العاطفة للطفل يتمّ من خلال أمور:
1. التعبير الكلامي: والتعبير الكلامي أسلوب ندبت إليه الروايات، كما أن ذلك كان من فعل الرسول الأكرم (ص) وأهل البيت، فهذا الرّسول (ص) يقول عن الحسن والحسين (ع): «اللهم إني أُحبهما فأَحبّهما وأحب من يحبهما»
ومن كلام أمير المؤمنين (ع) يخاطب به ولده الحسن بكلمات بليغة يفيض منها الصدق وتعبق بحنان الأبوة الجارف فيقول له: «... ووجدتك بعضي بل وجدتك كلي حتى كأن شيئاً لو أصابك أصابني، وكأن الموت لو أتاك أتاني».
وليعلم الأب والأم الكريمان أن محبة الأطفال زيادة عن كونها غريزة إنسانية جعلها الله في كل إنسان، فهي من الأمور التي يحبها الله تعالى في عباده، بل جعلها من الأعمال ذات الفضل الكبير عنده، ففي الرواية عن الإمام الصادق (ع): "قال موسى: « يا رب أيّ‏ُ الأعمال أفضل عندك؟ قال: حبّ‏ُ الأطفال، فإني فطرتهم على توحيدي، فإن أمَتُّهُمْ أدخلتهم جنتي برحمتي»". وفي رواية أخرى أن الله تعالى يشفق على المحب لولده فينزل عليه الرحمة لأجل حبه له، فعن الإمام الصادق: «إنّ‏َ الله عز وجل ليرحم العبد لشدةِ حبِّه لولده» .

2. تقبيل الولد: من الأمور التي تشحن الولد بالعاطفة التقبيل، فقد كان الرسول الأكرم (ص) يقبّل الحسن والحسين (ع) فقال الأقرع بن حابس: إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحداً منهم، فقال رسول الله (ص): «من لا يرحم لا يُرحم». ولتقبيل الولد ثواب كبير عند الله تعالى؛ ففي الرواية عن الإمام علي (ع): «أكثروا من قبلة أولادكم فإن لكم بكل قبلة درجةً في الجنَّة مسيرةَ خمسمائةِ عامٍ» وفي رواية أخرى عن أبي عبد الله (ع) قال: قالَ رسولُ الله (ص): «من قبَّل ولده كتب الله عز وجل له حسنة، ومن فرّحه فرَّحه الله يومَ القيامة...»

3. التّصابي لهم: فعن النبي الأكرم (ص): «من كان عنده صبي فليتصاب له»
والمقصود من التصابي أن يتواصل الوالد مع الصّبي بأسلوبه وبحسب عمره، وقد ورد أن الرسول الأكرم (ص) كان يلاعب الحسن والحسين (ع) ويتصابى لهما، ففي الرواية عن جابر قال: «دخلت على النبي والحسن والحسين (ع) على ظهره وهو يجثو لهما ويقول: نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما»


أسلوب الضرب

إن الولد في صغره لا يعرف وسيلة للتعبير سوى البكاء، وعلى الأهل أن لا ينزعجوا من ولدهم لبكائه، بل عليهم البحث عن سببه وما يريد هذا الولد من بكائه.
فوظيفة الأهل في هذه الحالة أن يتحمّلوا هذا الأمر، وألا يقدموا على ضرب الأطفال بسبب بكائهم: فعن رسول الله (ص): «لا تضربوا أطفالكم على بكائهم فإن بكاءهم أربعة أشهر شهادة أن لا إله إلا الله، وأربعة أشهر الصلاة على النبي وآله، وأربعة أشهر الدعاء لوالديه»
وقد يكون بكاء الولد لمرض أصابه، فعلى الأهل في هذه الحالة أن يستعينوا بالصبر على مرض الأولاد وبكائهم، وليتذكّروا الحديث المروي عن أمير المؤمنين (ع) في المرض يصيب الصبي فقال (ع): «كفارة لوالديه».

عدم التمييز بين الأولاد

إن التمييز بين الأولاد هو أرضية خصبة للكثير من المشاكل النفسية التي ستشوه نفس الطفل وتكبر معه لتتحول بعد ذلك إلى تهديد قد يوصله المهالك.
فالتمييز قد يتسبّب في نشوب الغيرة والحسد، والأحقاد بين الأخوة، ولأجل ذلك كان ديدن أهل البيت (ع) وأن يعدلوا بين الأولاد، رغم التميّز الحقيقي الذي يكون عند بعضهم، وقد ورد في الحديث عن الإمام الباقر (ع): «والله إني لأصانع بعض وِلْدِي وأجلسه على فخذي، وأكثر له المحبة، وأكثر له الشكر، وإن الحقّ ‏َ(أي الإمامة) لغيره من ولدي، ولكن محافظة عليه منه ومن غيره، لئلا يصنعوا به ما فعل بيوسف وإخوته». وفي أحسن الأحوال يتسبب بالإحساس بالمظلوميّة وعدم الإنصاف، هذا التمييز الذي قد يظهر من خلال مزايا إضافية كالمصروف أو الملبس أو المحبة والعطف...

كيف يكون العدل بين الأولاد؟
لقد أكدت الأحاديث الكثيرة عن الرسول الأكرم (ص) وأهل البيت (ع) على العدل بين الأولاد فعن رسول الله (ص): «اتقوا الله واعدلوا في أولادكم» وفي رواية أخرى عنه (ص): «إن لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم، كما أن لك عليهم من الحق أن يبروك»

1 في الهدايا : فعن الرسول الأكرم (ص): «اعدلوا بين أولادكم في النِحَل» والمقصود بالنِحَل العطايا والهبات، فليس من المناسب أن يعطي الإنسان ولداً هدية من دون أن يهدي ولده الآخر أيضاّ، فإن هذا يشعر الولد الآخر بقلة الاهتمام به، وأنه شخص غير محبوب في العائلة، وأنّ أخاه أفضل منه، وغير ذلك من المشاعر التي تولد الغيرة والحسد، أو الشعور بالمظلوميّة.

2 في التقبيل : فعن الرسول الأكرم (ص): «إن الله تعالى يحب أن تعدلوا بين أولادكم حتى في القبل» فالقبلة، وإن كانت تصرفاً صغيراً، إلا أنها تحمل مداليل عاطفية كبيرة، ومن هنا ورد في الحديث أنه «نظر رسول الله (ص) إلى رجل له ابنان فقبّل أحدهما وترك الآخر، فقال له النبي (ص): هلا واسيت بينهما» وهذا يظهر مدى حرص الرسول الأكرم (ص) على مشاعر الأطفال.

3 عدم التمييز بين الجنسين : إن بعض المجتمعات تميّز الذكر عن الأنثى فتعطيه الامتيازات، وتحرم الأنثى في المقابل، وقد حارب الإسلام هذا النوع من التربية، وأمر بالاهتمام بالإناث، فعن الرسول الأكرم (ص) «من كان له أنثى فلم يبدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها، أدخله الله الجنة» .

عدم الخلف بالوعد

إن الوفاء بالوعد من الأمور التي أكّد عليها الشّرع المقدس على كل حال، وفي خصوص الولد هناك تأكيد خاص أيضاً بعدم الخلف بالوعود التي تعطى له، فروح الولد في أوَّل عمره حساسة للغاية، وقد أكّدت الروايات على ترك الخلف بما وعد به الأهلُ أطفالهم، فقد ورد في الحديث عن رسول الله (ص): «... وارحموهم وإذا وعدتموهم شيئا ففوا لهم فإنهم لا يدرون إلا أنكم ترزقونهم».

حقوق الطفل وفق شرعة حقوق الانسان

تتمثل مهمة اليونيسف في حماية حقوق الأطفال ومناصرتها لمساعدتهم في تلبية احتياجاتهم الأساسية وتوسيع الفرص المتاحة لهم لبلوغ الحد الأقصى من طاقاتهم وقدراتهم. وتسترشد اليونيسف بتنفيذها لهذه المهمة بنصوص ومبادئ اتفاقية حقوق الطفل.
وتتضمن الاتفاقية 54 مادة، وبروتوكولان اختياريان. وهي توضّح بطريقة لا لَبْسَ فيها حقوق الإنسان الأساسية التي يجب أن يتمتّع بها الأطفال في أيّ مكان، ودون تمييز.


إعلان حقوق الطفل

يعنى بالطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر فيستطيع التمتّع بحقوق خاصة به.
صدر رسميّاً "إعلان حقوق الطفل" لتمكنيه من التمتع بطفولة سعيدة ينعم فيها، لخيره وخير المجتمع، بالحقوق والحريات المقررة في هذا الإعلان، وتدعو الآباء والأمهات، والرجال والنساء ، و تنص على ما يلي:

1. يجب أن يتمتع الطفل بجميع الحقوق المقررة في هذا الإعلان. ولكل طفل بلا استثناء أن يتمتع بهذه الحقوق دون أي تفريق أو تمييز بسبب اللون أو الجنس أو الدين، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب أو أي وضع آخر يكون له أو لأسرته.

2. يجب أن يتمتع الطفل بحماية خاصة وأن يمنح له الفرص والتسهيلات اللازمة لنموه الجسمي والعقلي والخلقي والروحي والاجتماعي نمواً طبيعياً سليماً في جو من الحرية والكرامة.

3. للطفل منذ مولده حق في أن يكون له اسم وجنسية.

4. يجب أن يتمتّع الطفل بفوائد الضمان الاجتماعي وأن يكون مؤهّلاً للنمو الصحي السليم. وعلي هذه الغاية، يجب أن يحاط هو وأمه بالعناية والحماية الخاصتين اللازمتين قبل الوضع وبعده. وللطفل حق في قدر كاف من الغذاء والمأوي واللهو والخدمات الطبية.

5. يجب أن يحاط الطفل المعوّق جسمياً أو عقليّاً أو اجتماعياً بالمعالجة والتربية والعناية الخاصة التي تقتضيها حالته.

6. يحتاج الطفل لكي ينعم بشخصية ، إلى الحب والتفهم. ولذلك يجب أن تتم نشأته برعاية والديه وفي ظل مسؤوليتهما ، في جو يسوده الحنان والأمن المعنوي والمادي فلا يجوز، إلا في بعض الظروف ، فصل الطفل الصغير عن أمه. ويجب على المجتمع والسلطات العامة تقديم عناية خاصة للأطفال المحرومين من الأسرة وأولئك المفتقرين إلى كفاف العيش.

7. للطفل حق في تلقي التعليم، الذي يجب أن يكون مجانيّاً وإلزاميّاً، في مراحله الابتدائية علي الأقل، وتقع هذه المسؤولية بالدرجة الأولي علي أبويه. ويجب أن تتاح للطفل فرصة كاملة للعب واللهو، اللذين يجب أن يوجها نحو أهداف التعليم ذاتها. وعلي المجتمع والسلطات العامة السعي لتيسير التمتع بهذا الحق.

8. يجب أن يكون الطفل، في جميع الظروف، بين أوائل المتمتّعين بالحماية والإغاثة.

9. يجب أن يتمتع الطفل بالحماية من جمع صور الإهمال والقسوة والاستغلال،.ولا يجوز استخدام الطفل قبل بلوغه سن الرشد، ويحظر في جميع الأحوال حمله على العمل أو تركه يعمل في أية مهنة أو صنعة تؤذي صحته أو تعليمه أو تعرقل نموه الجسمي أو العقلي أو الخلقي.

10. يجب أن يحاط الطفل بالحماية من جميع الممارسات التي قد تدفع إلي التمييز العنصري أو الديني أو أي شكل آخر من أشكال التمييز، وأن يُربّى على روح التفهم والتسامح، والصداقة بين الشعوب، والسلم والأخوة العالمية.

برامج
1667قراءة
2015-11-09 19:16:58

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا