مدرسة الحلم والعفو
من أبرز ما اتصفت به الأخلاق النبوية هو الحلم عن أخطاء الآخرين والعفو عن سيئاتهم.
ومن المعلوم أن الحلم هو عبارة عن ضبط النفس والضغط على المشاعر والانفعالات
النفسية إزاء أخطاء الآخرين وممارساتهم السلبية لئلا تتفجر غضباً وحقداً وغيظاً ينعكس
سلباً على السلوك والممارسة.
وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في فضيلة الحلم عن المسيء نموذجاً
رائعاً كسائر أخلاقه، فهو لا يعرف الغضب إلّا حين تنتهك للحق حرمته، أمّا سوى ذلك
فإنّه كان أبعد الناس عن الغضب والإنفعال، فهو أحلم إنسان عمّن أساء إليه بكلمة أو
تصرف خاطىء أو سلوك مشين.
★قال أنس بن مالك: خدمت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سنين، فما سبَّني
سبَّة قط، ولا ضربني ضربة، ولا انتهرني، ولا عبس في وجهي، ولا أمرني بأمر
فتوانيت فيه فعاتبني عليه، فان عاتبني عليه أحد من أهله قال: دعوه، فلو قدر شيء
كان.
★كما أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) عفى عن أهل مكة يوم الفتح ووقف منهم موقفاً
رحيماً بالرغم من كل العذاب والمعاناة والآلام وأنواع الأذى الذي صبته قريش عليه على
المسلمين قبل الهجرة وبعدها، وبالرغم من مؤامراتها وحروبها وإرهابها فإنّه (صلى
الله عليه وآله وسلم) وقف على باب الكعبة بعد الفتح مخاطباً أهل مكة: ما ترون أني
فاعل بكم؟
قالوا خيراً أخ كريم وابن أخ كريم.
قال: فإني أقول لكم كما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم، وهو
أرحم الراحمين، اذهبوا فأنتم الطلقاء.
وعندما قال أحد أصحابه: اليوم يوم الملحمة اليوم تسبى الحرمة.
قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : اليوم يوم المرحمة اليوم تراعى الحرمة.
بهذه النفس الرحيمة، وبهذا الخلق الرفيع والسلوك الحضاري الذي لم يعرف التاريخ له
نظيراً يعامل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أشد الناس عداوة له، بعد أن تمكن
منهم ومن رقابهم، إنّه الخلق النبويّ المحمديّ الأصيل.
الأنشطة الثقافية
1206قراءة
2015-12-29 11:10:22