قصّة الرمّانة في البحرين
لقد كانت بلاد البحرين - ولاتزال- آهلة بشيعة أهل البيت عليهم السلام ، وفي القرن السابع الهجري كان والي البحرين من النواصب والأعداء الألدّاء للشيعة ، وكان وزيره أخبث منه ، وأكثر بغضا للشيعة .
في يوم من الأيام جاء للوالي برمانة مكتوب عليها : لا إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ، وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي خلفاء رسول الله )صلى الله عليه وآله وسل(م فنظر الوالي إلى كتابة الرمانة ، فظن أنّ تلك الخطوط كتبت بقلم القدرة ، وليست من صنع البشر .
فقال للوزير : هذه آية بيّنة ، وحجّة قوية على إبطال مذهب الرافضة - يقصد الشيعة - .
فاقترح الوزير أن يجمع الوالي علماء الشيعة وشخصياتهم، ويرويهم الرمان ، فإن تخلوا عن مذهب التشيع واعتنقوا مذهب أهل السنة، وتركهم بحالهم، وإن أبوا إلاّ التمسك بمذهبهم ، خيّرهم بين ثلاثة أمور :
الأول : أن يدفعوا : الجزية، كما يدفعها غير المسلمين من اليهود والنصاري والمجوس .
الثاني : أن يأتوا بجواب لردّ وتفنيد الكتابة الموجودة على الرمانة .
الثالث : أن يقتل الوالي رجالهم ، ويسي نساءهم وأولادهم، ويأخذ أموالهم بالغنيمة .
فأرسل الوالي إلى شخصيات الشيعة وأحضرهم، وأراهم الرمّانة، وخيّرهم بين الأمور الثلاثة المذكورة ، فطلبوا منه المهلة ثلاثة ايام .
فاجتمع رجالات الشيعة وأهل الحلّ والعقد، يتذاكرون فيما بينهم حول كيفية التخلص من هذه المشكلة ، وبعد مناقشات طويلة، اختاروا من صلحائهم عشرة رجال، واختاروا من العشرة ثلاثة، وتقرر أن يخرج في كل ليلة واحد من الصلاصة إلى الصحراء ، ويستغيث بالإمام المهدي (عليه السلام) للتخلص من هذه المحنة .
فخرج أحدهم في الليلة الأولي، فلم يتشرف بلقاء الإمام (عج) ولم ينحل المشكلة، وهكذا حدث للثاني أيضا، وفي الليلة الثالثة خرج الشيخ محمد بن عيسي الدمستاني - وكان فاضلا تقيا - فخرج إلى الصحراء حافيا حاسر الرأس ، وقضى ساعات من الليل بالبكاء، والتوسل، والإستغاثة بالإمام المهدي (عج) لكي ينقذهم من هذه الورطة والبلاء . وفي الساعات الأخيرة من الليل، حضر الإمام المهدي (عج) وخاطبه : يا محمد بن عيسي مالي أراك على هذه الحالة ؟ ولماذا خرجت إلى هذه البرية فامتنع الرجل أن يذكر حاجته إلاّ للإمام المهدي (عج).
فقال له الإمام (عج): أنا صاحب الأمر فاذكر حاجتك .
قال محمد بن عيسى : إن كنت صاحب الأمر فأنت تعلم قصّتي ، ولا حاجة إلى البيان والشرح .
فقال الإمام (عج): نعم ، خرجت لما دهمكم من أمر الرّمانة ، وما كتب عليها.
فلما سمع محمد بن عيسي ذلك ، أقبل إلى الإمام (عج) ، وقال : نعم يا مولاي ، وتعلم ما أصابنا ، وأنت إمامنا وملاذنا ، والقادر على كشفه عنّا .
فقال الإمام (عج): إنّ الوزير - لعنه الله - في داره شجرة رمّان ، فلما حملت تلك الشجرة ، صنع الوزير شيئا (اي - قالبا ) من الطين على شكل الرّمانة ، وجعله نصفين ، ونحت في داخله تلك الكلمات المذكورة ، ثم جعل رمّانة من الشجرة في تلك القالب ، وشدّ القالب على الرمّانة ، فلما نبتت الرمانة وكبرت ، دخل قشرها في تلك الكتابة المنحوتة .
قإذا مضيتم غذا إلى الوالي فقل له: جئتك بالجواب، ولكنني لا أبديه إلاّ في دار الوزير ، فإذا مضيتم إلى داره، فانظر عن يمينك ترى غرفة، فقل للوالي: لا أجيبك إلاّ في تلك الغرفة، وسيمتنع الوزير عن ذلك، ولكن عليك بالإلحاح، وحاول أن لا يدخل الوزير تلك الغرفة قبلك ، بل أدخل معه، فإذا دخلت الغرفة رأيت كوّة فيها كيس أبيض، فانهذ إليه وخذه ، فترى فيه تلك الطينة ( القالب ) التي عملها لهذه الحيلة ، وثم ضعها أمام الوزير ، ثم ضع الرّمانة فيها حتي ينكشف أنّ الرمانة على حجم القالب .
ثم قال الإمام (عج) ، يا محمد بن عيسي : قل للوالي : أنّ لنا معجزة أخرى ، وهي أنّ هذه الرّمانة ليس فيها إلاّ الرماد والدخان فإن أردت صحة هذا الخبر فأمر الوزير بكسرها ، فإذا كسرها طار الرماد والدخان على وجهه ولحيته !
وانتهي اللقاء، ورجع محمد بن عيسى وقد غمره الفرح والسرور، وانصرف إلى الشيعة يبشرهم بحلّ المشكلة .
وأصبح الصباح ومضوا إلى الوال ، ونفذّ محمد بن عيسي كل ما أمره الإمام (عج) فسأله الوالي : من أخبرك بهذا ؟
قال : إمام زماننا ، وحجّة الله علينا !
فقال : ومن إمامكم ؟
فأخبره بالأئمة الإثني عشر واحد بعد واحد ، حتي انتهي إلى الإمام المهدي صاحب الزمان ( عجّل الله ظهوره)
فقال الوالي: مدّ يدك فأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمد بده ورسوله ، وأنّ الخليفة بعده بلا فصل : أمير المؤمنين علي عليه السلام ثم أقرّ بالأئمة الطاهرين عليهم السلام ، وأمر بقتل الوزير ، واعتذر إلى أهل البحرين .
أمانة برامج الإختصاصات
1440قراءة
2016-01-09 14:05:27