12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

المسرح >> سرد القصة

سرد القصة

 

 

كما قلنا سابقاً، إنّ نجاح القصة يتوقف على فنّ سردها ، فهناك قصص جميلة ذات مغزى هام ، ربما تفقد سحر جمالها ، وسمو فكرتها ، إذا رواها من لا يجيد فن الرواية ، بل قد يؤدي به الأمر إلى إثارة كراهية الأطفال لها ، والنفور من فكرتها ، لذا كان لا بد من بحث موضوع المبادئ الفنية للسرد .

1) المقدمة التمهيدية :

فيما يتعلق بجو جلسة القصة ، على القائدة أن لا تبدأ السرد الفعلي ، إلاّ بعد أن تكون وفّرت الهدوء التام ، بحيث يكون جميع الأطفال مستعدين للسماع . ولما كان هذا الأمر صعباً بعض الشيء بفعل ميل الأطفال إلى الحركة والحيوية ، يُطلب منها أن تخلق أجواء الإثارة والتشويق ، التي تشدّ انتباههم ، وتبعث فضولهم ، كأن تبدأ بمقدمة تمهيدية:

- سأروي لكم قصة جميلة جداً جداً ، آه... ما أجملها ‍‍‍‍‍‍‌‌‍‍... آه لو تعلمون كم هي جميلة ومشوقة ! ... اسمعوا وانتبهوا جيداً ...
- هل تعرفون ماذا جرى للسلحفاة والأرنب ... الأرنب السريع ، والسلحفاة البطيئة ... مسكين هذا الأرنب المغرور ... لو تعرفون ماذا حصل له ؟ ...

- أريد أن أروي لكم قصة جميلة ، إذا جلستم هادئين ...
- وهناك رأي بأن تبدأ القائدة القصة بدون مقدمات ، فتثير المفاجأة صدمة عند الأطفال ، فيخلدون للسكون ، ويلتزمون الصمت ، ليتابعوا مسلسل الأحداث .. ففي هذه الحالة ، على القائدة اختيار اللحظة المناسبة والمؤثرة : "ذات يوم خرج زيد الوسخ إلى الحديقة ، فالتقى الأرنب ، فقال له .."

2) البساطة في السرد :

على القائدة أن تتجنب التكلّف والتعقيد ، فتسرد القصة ببساطة وعفوية متناهية ، وبطريقة مباشرة لا التواء فيها ولا دوران ، فتكون طبيعية في صوتها ولغتها وحركتها ... تعرض الحادثة تلو الأخرى بتسلسل منطقي ، دون أن تعتمد التكرار الممل الذي لا معنى له .

3) لغة القصة :

من الأفضل للقائدة أن تسرد القصة بلغة عربية صحيحة وسهلة ، تناسب المستوى اللغوي العام للطفل ، فتعتمد الأسلوب الذي هو أرقى من أسلوب الأطفال أنفسهم ، وأدنى من أسلوب الكاتب . المهم أن لا نجابه الطفل بألفاظ وتراكيب توقعه في حيرة ، وتقطع عليه خياله وتفاعله مع الأحداث وأشخاصها، من خلال استغراقه بالتفكير في معنى اللفظ الذي يقصده الكاتب.

والمهم أيضاً هو أن لا يخرج الأطفال من جو القصة ، إلاّ وهم قد أضافوا إلى قاموسهم اللغوي مفردات وتعابير جديدة .
ورغم الخلاف حول استخدام الفصحى أو العامية في رواية القصة ، فإنّ التركيز يجب أن ينطلق من الفكرة التالية : " أن لا نترك العامية تسيطر على تعبير أطفالنا ، بحيث تكون حائلاً دون تقدم الطفل في تعلّم القراءة والتعبير" .
فيما بين الثالثة والرابعة من عمر الطفل ، نستطيع أن نستعين بالعامية المعدّلة القريبة من الفصحى عندما نروي القصة لأول مرة، حتى يعيش أهدافها وأحداثها ، على أن نستغني عنها أثناء تكرار روايتها في المرة الثانية والثالثة.

4) صوت القائدة :

إنّ أكثر ما يُجهض فعالية القصة هو رتابة الصوت الذي يتخذ عمقاً واحداً لا يتغير طوال فترة السرد ، وهذا من شأنه خلق حالة الملل في آذان السامع ، ومعه يجدر بالقائدة أن تغيّر نبرة صوتها ، وتكيّفه ما تتطلبه المواقف ، فتبدأ بصوت هادئ مسموع ، ثم ترفعه تدريجياً حتى يبلغ الذروة عند بلوغ العقدة ، وعند الحل ، تخفضه تدريجياً حتى يبلغ قمة انخفاضه في النهاية .
خلاصة القول : يجب أن تكون درجة الصوت ، في ارتفاعه وانخفاضه ، موحية للمعنى ومجسدة للموقف ، يصاحبها حركات وإشارات تعبيرية تشير إلى المعنى ، وتحضّ على المتابعة.

5) تجسيد المواقف :

دور القائدة هنا هو أن تجيد فهم شخصيات القصة ، حتى تستطيع أن تتقمصها ، وتعطيها صورها الحقيقية الصادقة في كلامها وحركاتها وانفعالاتها، فـ :
- الجار في القصة هو ذاته الذي يعيش بقربه ، ويلاحظ تصرفاته ليل نهار .
- والعجوز هي ذاتها التي تفترش الشارع ويلاحظها في ذهابه وإيابه وهي تتوكّأ عى عصا، وتتحدث بفمٍ فارغ من الأسنان .
دور القائدة ، في هذا المجال ، يكمن في تشخيص الصورة على حقيقتها، فلا يظهر الشجاع بمظهر الجبان ، ولا المجتهد بمظهر المهمل ... فهذا كله يضعف تعاطف الولد الوجداني مع أبطالها . فإذا كانت الحالة تستدعي العطف أو الاحتجاج أو الاستفهام أو الدهشة أو الغضب أو الفرح أو الحزن ... فعلى القائدة أن تظهر ذلك في قسمات وجهها وحركات يدها ، ونبرات صوتها ، فلا تبتسم في حالة الحزن ، ولا تحزن في موقف الفرح .
وهنا لا بد من الإشارة إلى أنّ القائدة ، وهي تروي وتجسّد المواقف ، عليها أن لا تبالغ في الوصف والإيضاح ، بل تلجأ إلى التلميح الذي يفسح مجال التفكير والتخيّل أمام الأطفال ، لمعرفة ما وراء هذه الإشارات والتلميحات من أفكارٍ ومعانٍ .

 

 

 

تدريب
1741قراءة
2015-12-20 19:20:23

تعليقات الزوار


تدريب