خطوات على طريق الخشبة -الإلقاء المسرحي-
الإلقاء المسرحي

لا شكّ أنّ جميعنا يدرك أهمية الصوت الإنساني، في حياتنا اليومية، وما له من اهميةٍ كبيرة في عملية التواصل ونقل الأفكار والمشاعر. كما أنّه لا تخفى هذه الأهمية في الأعمال المسرحية؛ بغض النّظر عن الأعمال التي ترتكز على الفنون المسرحية الجديدة الخالية من الصوت البشري.

فعندما ينطق هذا الصوت الكلام في المسرح نكون قد دخلنا بفن آخر هو فن الإلقاء ويتحوَّل فيه الكلام إلى عنصر مكمّل، ويكون الأساسي هو الأسلوبية التي نطق بها والمعاني الجديدة التي أضفتها عليه طريقة النطق.
وعلى الرغم من تطور عناصر العرض المسرحي وتعقيدها في كثير من التجارب المسرحية للكلام حتى ظهرت فنون مسرحية جديدة لا تنطق فيها كلمة واحدة (المسرح الإيمائي) او البانتوميم إلا أن الكلمة ظلت عصية على الإلغاء، وظلت مشحونة بقدرتها على التأثير والفعل. كما تجدر الإشارة إلى أنّ تلك الفنون المسرحية الخالية من الصوت البشري إنّما هي فنون مخصّصة لفئات معينة، بحيث لا يستسيغها السواد الأعظم من النّاس.
وفي موضوعنا اليوم؛ ألا وهو فنّ الإلقاء المسرحي؛ فإنّنا بدايةً سنذكر الركائز الثلاث لهذا الفنّ وهي:
البلاغة الصوتية، البلاغة الفكرية، والموهبة.
واختفاء أحد هذه العناصر في الإلقاء المسرحي يشكل ضعفًا ملحوظًا، وقد يؤدي إلى فقدان التواصل بين المتفرج والعرض.

ومن الجيد الإلتفات إلى بعض القضايا الأساسية في الإلقاء المسرحي:

- إن الموهبة وحدها لا تؤتي ثمارها إلا بالاستفادة من العلوم الفنية؛ كعلم النطق وتطوير تقنيات الصوت ومهاراته.
- الاعتماد على الميكروفون لا يغني عن قوّة الصّوت وتكامله. والأصل في المسرح أن يسمع المتفرج صوت الممثل دون حسنات خارجية أو مكبرات قد تضعف من إحساسه الحقيقي ليصل إلى المتفرج إحساساً مصطنعاً ومزخرفًا.
- لا ينبغي أن ننظر إلى فن الإلقاء على أنه مجرد محاولة للتأثير في الجماهير بنبرة صوت شجي، أو بمجرد حسن وإجادة الإلقاء والتلاعب بعواطف المتلقين عن طريق اللّعب بالألفاظ والمعاني وطبقات الصوت، والتركيز على كلام دون آخر، وإنما هدف الإلقاء في المسرح هو التعبير عن الأحاسيس الصّادقة والعميقة للشخصية، وإيصال فكرة العرض عبر الكلمة المشحونة بالدلالة والطاقة الفنية، وتجسيد اللّحظة الدرامية بشكل يتوافق مع وضعها خلال العرض ككل.