المسرح الشعري - نبذة
المسرحية الشعرية فن من فنون الادب الواسعة التأثير، وهي تحتوي على جميع العناصر الفنية التي يجب توافرها في الرواية النثرية من: عرض، وعقدة؛ وحل، ولكن الحوار وهو الكلام الذي يقع من اشخاص الرواية على خشبة المسرح والذي يعتبر مادة الرواية التي عن طريقها تعرض حوادث القصة ويعالج الموضوع، يختلف في الاثنين فبينما يكون في الأولى شعراً يكون في الثانية نثراً.
والمسرحية الشعرية منتشرة في الآداب الغربية انتشاراً واسعاً ولها اهمية خاصة في توجيه ونقد المجتمع وهي عريقة في القدم لان تلك الآداب ورثت هذا النوع من الفن من أشعار الأقدمين من اليونان أولاً ومن الرومان ثانياً، ولقد كان لهذا الفن أصل قائم بذاته في الألعاب التمثيلية الاولى عند اليونان فغناء الاله باخوس -إله الخمر- لم يكن الا مقاطع من الشعر وكانت هذه المقاطع هي التراتيل الاساسية التي يعتمد عليها الكورس، وهو الغناء الذي يغني بصورة جماعية.
إما في الادب العربي فان المسرحية الشعرية من مولدات العصر الحديث دخلت إليه بعد حملة نابليون على مصر وذلك لأن فن التمثيل لم يترعرع عند العرب الا في وقت متأخر، (ولنا بحث في هذا الباب يأتي بعد ذلك) فلم يشاهد الشعر العربي مسرحاً يمثل عليه أدواره ولم تكن عند العرب دور للتمثيل لا في العصر الجاهلي ولا في عهد الخلفاء ولا عند الامويين ولا العباسيين حتى انقشاع عصر الفترة المظلمة، ولا ريب أن عدم وجود المسرحية الشعرية في الشعر العربي لا ينقص من قيمة هذا الشعر لان الشعر العربي في طبيعته ملائم كل الملائمة لهذا الباب من فنون الأدب ولان الشعر العربي في الحقيقة ما هو إلا قصة الحياة العربية في سهول بلاد العرب وهضابها وصحاريها ووديانها، والمرآة التي انعكست عليها آراء المجتمع العربي وفلسفته ومُثله وعواطفه؛ ولا أعدو على الحقيقة إذا قلت(إن الشعر العربي مجموعة مسرحية تمثيلية مثلت فصولها العرب في جميع أدوارهم السياسية والاجتماعية وعبرت على كل لون من ألوان المجتمع في مختلف أقطارهم وبيئاتهم).
ومن أحسن الأمثلة على هذا الشعر قصائد عمر بن أبي ربيعة وحواره وأوصافه لما يقع له من مغامرات وحوادث غرامية وبالرغم من كل ما تقدم نجد ان الشعر التمثيلي المنطبق على قوانين الفن واصوله الصحيحة الحديثة أي الشعر الذي يكون أداة للتمثيل على خشبة المسرح والذي يشكل الحوار فيه القسم المهم في رواية ذات حوادث متسلسلة منسجمة تأخذ فيها الحوادث الواحدة بعنق الأخرى حتى تبلغ شدة تأزمها او انفراجها في العقدة التي يعقبها الحل وبالحل تنتهي الرواية نقول ان هذا النوع من الشعر دخل إلى الأدب العربي بتأثير الاداب الغربية واتصال العرب بالاوربين بعد الاحتكاك الذي حدث في فجر النهضة الحديثة، وقد حمل الاطلاع على نواحي التفكير الغربي العرب على ان يتجهوا إلى معالجة المواضع التي يفتقر إليها ادبهم ومجتمعهم فسرعان ما قامت جماعة من أدباء العرب وخصوصاً السوريون منهم فنظموا في المسرحية وكانت المآسي هي الغالبة في هذه المسرحيات وأول ما ظهر من المسرحيات الشعرية في الادب العربي هي مآسي الاستاذ خليل اليازجي (1856-1889) (المعروفة بالمروءة والوفاء) وهي مأساة طويلة يتجاوز عدد أبياتها ألفي بيتاً، نظمها الشاعر بعد أن اقتبس حوادثها من الادب الجاهلي من قصة معروفة عند العرب القدماء. ولم يقتصر هذا النشاط على اليازجي وانما نشط كثير من السوريين في معالجة المسرحية الشعرية وان كان ذلك في فترات متفاوتة وقد كثر صدور هذه المسرحيات بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى كان من أهمها مسرحية أصدرها الاستاذ الشاعر سعيد عقل وأسماها (بنت يفتاح) ثم التراجيديا الشعرية التي أصدرها الاستاذ الدكتور علي ناصر في حلب وأسماها(سلوى) ثم أصدر الاستاذ الشاعر عمر ابو ريشة في حلب أيضاً مسرحية شعرية-ويطلق عليها المحكمة الساتيرية - وأسماها محاكمة الشعراء. ومن يقرأ هذه المسرحيات يلاحظ لأول وهلة أنها تمزج بين الكلاسيكية والرومانتيكية ولا تترسم مذهباً معيناً من المذاهب الادبية الحديثة فأكثرها ليس له طابع مستقل بين مذاهب الأدب.[2]
فنون
1490قراءة
2016-01-10 17:44:25